نحن نستخدم كلمة مكبر أو amplifier عند الإشارة إلى مكونات نظام الاستيريو الصوتي أو الأدوات الموسيقية. وكما نعلم إن الصوت ظاهرة فيزيائية تعتمد على اهتزاز جزيئات الهواء لتؤثر على الوسط المحيط بها في صورة اضطراب ينتشر بسرعة خلال الوسط وعندما تصل هذه الاضطرابات إلى طبلة الأذن فإنها تشكل ضغطا على غشاء طبلة الأذن في صورة نبضات فيهتز العشاء بنفس الطريقة ويتم تحويل هذه الاهتزازات إلى إشارات كهربية في باقي أجزاء الأذن ومن ثم ترسل إلى الدماغ لتترجم إلى الصوت الذي نسمعه. الأجهزة الالكترونية التي تصدر الصوت بمختلف أنواعها تعمل بنفس الطريقة وتشبه نفس طريقة عمل الأذن، فهي تتعامل مع الصوت على انه معلومات في صورة إشارات كهربائية متغيرة. 

لفهم كيف تتعامل الأجهزة الالكترونية مع الصوت سوف نوضح ذلك من خلال المراحل الثلاثة التالية:

أولا الميكرفون: عندما يصدر صوت أمام ميكرفون الجهاز فإن الغشاء الرقيق في الميكرفون يحدث له اهتزازات بنفس تردد الصوت، يتم تحويل هذه الاهتزازات الميكانيكية إلى إشارات كهربائية.  تحمل الإشارات الكهربائية من خلال ترددها معلومات عن التضاغطات والتخلخلات الميكانيكية التي أحدثتها.

ثانيا المسجل: يقوم الجهاز بتحويل الإشارات الكهربائية إلى إشارات مشفرة بطريقة ما ليتم حفظها إما على شريط مغناطيسي في صورة تغيرات في المناطق المغناطيسية على الشريط أو في صورة حزوز ميكانيكية رقيقة كما في الاسطوانات القديمة أو في صورة حزوز بواسطة شعاع الليزر كما في الاسطوانات المدمجة.

ثالثا المشغل: يقوم المشغل بمختلف أنواعه حيث أن لكل طريقة من طرق حفظ الصوت مشغل خاص بذلك مثل المسجل أو مشغل الاسطوانات أو غير ذلك بترجمة الشيفرة (سواء المغناطيسية أو الميكانيكية أو الضوئية) وتحويلها إلى إشارة كهربائية.  تستخدم هذه الإشارة الكهربائية في تحريك السماعة للأمام والخلف لتحدث اضطرابات في الهواء نسمعه على شكل صوت مشابه للصوت الذي وصل للميكرفون.

وكما نرى فإن كل المكونات الرئيسية للأجهزة الصوتية ما هي إلا أجهزة مترجمة تأخذ الإشارة في شكل وتحولها إلى شكل آخر وفي النهاية يتم إصدار الصوت مرة أخرى.

ولكي يتم نقل كل تفاصيل التضاغطات والتخلخلات في الأمواج الصوتية، فإن الميكرفون يجب أن يكون على درجة عالية من الحساسية، وهذا يعني أن أي اهتزازة مهما صغرت يستطيع الميكروفون أن يستجيب لها ويصدر بالمقابل إشارة كهربائية مناظرة لها.

هذا الأمر مهم جداً للحصول على تسجيل جيد للصوت وتعتبر عملية تحويل الموجات الصوتية إلى أمواج كهربائية عملية بسيطة ولا تحتاج إلى الكثير من التعقيد وهذه الإشارات الكهربية مهما كانت صغيرة يمكن نقلها عبر أسلاك التوصيل واستخدامها لتخزن المعلومات الصوتية على الوسط المستخدم. ولكن في المقابل فإن عملية تحويل الإشارة الكهربية إلى إشارة صوتية لنعود ونسمع الصوت المسجل فإن ذلك يتطلب أن تقوم الإشارة الكهربية بتحريك الجسم المخروطي للسماعة لإصدار الصوت وهذا الأمر صعب لان الإشارة الكهربية تكون صغيرة وغير قادرة على تزويد السماعة بالطاقة لتحريكها ولهذا نحن بحاجة إلى تضخيم الإشارة الكهربية لتعطي تيار كهربي كبير قادر على تحريك السماعة وجعلها تتذبذب لتصدر الصوت. وهذا بالضبط وظيفة المكبر Amplifier حيث يقوم المكبر بتضخيم الإشارات الكهربائية التي تحمل تفاصيل الصوت.

فكرة عمل المكبر (المضخم)

مما سبق نستطيع أن نفهم أن وظيفة المكبر هي تقوية الإشارة الصوتية (الكهربائية) لتستطيع أن تمتلك القدرة على تحريك غشاء السماعة.  وهذا باختصار عمل المكبر ولكن إذا ما أردنا أن نعرف كيف تتم هذه العملية علينا أن نأخذ جولة في داخل المكبر لنتعرف على مكوناته.

في الواقع يولد المكبر إشارة جديدة مختلفة تماماً عن الإشارة الأصلية التي دخلت عليه ولكن على أساس الإشارة الأصلية. ولفهم ذلك تخيل أن هناك دائرتين منفصلتين في داخل المكبر. حيث أن دائرة الخرج output circuit تعمل بواسطة مزود الطاقة للمكبر power supply، الذي يحصل على طاقته من خلال بطارية أو من خلال توصيله بمقبس الكهرباء في المنزل.

فإذا كان المكبر يعمل من خلال كهرباء المنزل ذات التيار المتردد حيث يغير التيار اتجاهه باستمرار فإن مزود الطاقة سوف يعمل على تحويل التيار المتردد هذا إلى تيار ثابت حيث يكون اتجاه التيار دائماً واحد ولا يتغير.  بعد هذه المرحلة يتم استخدام التيار الناتج في الدائرة التي تعمل على بذل شغل لتحريك مخروط السماعة لإصدار الصوت.

أما بالنسبة لدائرة الدخل input circuit فهي المختصة باستقبال الإشارة الصوتية (الكهربائية) المسجلة على الشريط أو أي نوع آخر من وسائط التخزين المختلفة أو من الصادرة عن الميكرفون.  فهي تستخدم لتتداخل مع دائرة المخرج بواسطة مقاومة متغيرة تعمل على تعديل التيار المستمر بحيث يصبح فرق الجهد يعكس ترددات الإشارة الصوتية الأصلية.

مخطط يوضح فكرة عمل المكبر حيث توضح الدائرة باللون الأزرق دائرة المدخل والدائرة الموضحة باللون الأحمر دائرة المخرج، ويتم استخدام التيار الصغير الصادر عن الميكرفون لتعديل التيار الكبير الناتج عن البطارية

 في معظم أنواع مكبرات الصوت يتم استخدام مرحلة وسطية بين دائرة الدخل ودائرة الخرج وهذه المرحلة تسمى ما قبل التكبير pre-amplifier وفيها يتم تكبير الإشارة الصوتية الصغيرة لتصبح مناسبة لدائرة الخرج وتؤثر بشكل أفضل على دائرة الخرج عندما تعمل على تعديل تيار البطارية. كما أن هناك أنواع أخرى تستخدم فيها أكثر من مرحلة للتكبير لتقوم بتكبير تدريجي للإشارة الصوتية الكهربائية قبل وصولها إلى السماعة.

العناصر الالكترونية للمكبر

يعتبر العنصر الرئيسي في المكبر هو الترانزستور transistor.  ويصنع الترانزستور من المواد أشباه الموصلات مثل السيليكون المطعم ببعض الشوائب التي تعمل على زيادة قدرته على توصيل الكهرباء في عملية تسمى التطعيم doping.

وحيث أننا نعلم أن جميع ذرات السليكون النقي تكون مرتبطة في توزيع بلوري منظم ولا يوجد أي الكترونات حرة لتوصيل التيار الكهربي خلاله ولكن إذا ا قمنا بتطعيم السيليكون بمواد إضافية تعمل على إحلال بعض ذرات السليكون مع توفير الكترونات إضافية أو إحداث فراغات في التركيب البلوري لتكون ما يسمى بالفجوات holes لتسمح للالكترونات بالانتقال إليها.  وفي كلا الحالتين سواء توفر الكترونات إضافية أو حدثت فجوات في مادة السليكون فإنها تصبح قادرة على توصيل التيار الكهربي.

عند تطعيم السليكون بمواد تحدث إضافة في الالكترونات الحرة تسمى هذه بالنوع السالب N-type والحرف N هو من كلمة Negative أي سالب نظرا لشحنة الالكترونات الإضافية. وإذا كان التطعيم يحدث فجوات تسمى بالنوع الموجب P-type والحرف P يعود للكلمة Positive أي موجب على اعتبار أن الفجوة هي نقص في الالكترونات وهذا يجعل المادة موجبة الشحنة.

وكما نعلم أن الترانسستور يتكون من ثلاثة طبقات من المواد شبه الموصلة ويوجد عدة أنواع من الترانزستورات والنوع الذي يدخل في بناء مكبر الصوت هو الترانزستور ذو القطبين bipolar-junction transistor.  وهذا النوع يتكون من طبقة من النوع الموجب موجودة بين طبقتين من النوع السالب. 

الترانزستور ذو القطبين bipolar-junction transistor

تسمى الطبقة الأولى من النوع السالب بالباعث emitter والطبقة الثانية من النوع الموجب تسمى القاعدة base في حين أن الطبقة الثالثة وهي من النوع السالب تسمى المجمع collector.  يتم توصيل دائرة الخرج (المتصلة مع السماعة) بطرفي الترانزستور بواسطة الكترود عند الباعث والمجمع.  إما إشارة الدخل فتوصل بواسطة الكترود في القاعدة كما هو موضح في الشكل أعلاه.

الالكترونات الحرة في النوع السالب تسعى للانتقال إلى النوع الموجب لإشغال الفجوات في النوع الموجب.  وعدد الالكترونات اكبر بكثير من عدد الفجوات ولذلك تمتلئ الفجوات بسرعة كبيرة.  وهذا يحدث منطقة استنزاف عند الحدود الفاصلة بين النوع السالب والنوع الموجب في الترانزستور. وتعمل منطقة الاستنزاف التي تكونت على تحويل الترانزستور إلى حالة تكون فيها عازلة للتيار الكهربائي لعدم تمكن الالكترونات من الانتقال والحركة. 

تضخيم الجهد

عندما تكون منطقة الاستنزاف سميكة فإنها تعمل على رفع جهد الكترود القاعدة.  وهذا الجهد متصل مباشرة مع دائرة المدخل.  عندما يصل التيار الكهربي القادم من دائرة الدخل إلى الكترود القاعدة الموجب الشحنة فإن القاعدة سوف تسحب الالكترونات إليها وتدفع بهم نحو الباعث.  وهذا يعمل على توفير فجوات في منطقة الاستنزاف مما يجعل سمكها اقل، مما يسمح للشحنة بالحركة من الباعث إلى المجمع بسهولة.  وبالتالي يصبح الترانزستور موصلا للتيار الكهربائي.  وهذا يعني أن سمك منطقة الاستنزاف ومقدار موصلية الترانزستور تعتمد على قيمة الجهد على الكترود القاعدة.  فكلما كان الكترود القاعدة ذو جهد كبير كلما كان التيار المار أكبر لأن قدرة الترانزستور على التوصيل تكون أكبر، وبهذه الطريقة فإن التيار الكهربائي المعدل والقادم من دائرة الدخل إلى الكترود القاعدة يعمل على تغير قيمة التيار الناتج عن الكترود المجمع. يستخدم التيار الكهربي المكبر في تشغيل السماعة.

في هذه المرحلة دائرة الخرج للمكبر متصلة مع الباعث والمجمع. في حين تكون دائرة الدخل متصلة مع القاعدة

في حالة عدم مرور تيار كهربي في دائرة الدخل فإن الالكترونات الحرة في النوع السالب سوف تنتقل إلى النوع الموجب وتملأ الفجوات في بالكامل

تتكون منطقة الاستنزاف لتحول الترانزستور إلى عازل

عندما يتدفق التيار الكهربي الصادر عن الميكرفون عبر دائرة الدخل يرتفع الجهد الكهربي على القاعدة مما يسمح للالكترونات بالمرور وتقل مقاومة منطقة الاستنزاف.  يمر التيار الكهربي من الباعث إلى المجمع

الترانزستور الموجود في دائرة المكبر يمثل مرحلة تكبير وكلما كان هناك أكثر من ترانزستور كلما كانت مراحل التكبير أكثر وكانت قدرة المكبر أكبر. 

في المكبرات الصغيرة مثل مكبر جهاز التليفون فإن دائرة التكبير تنتج نصف وات من القدرة الكهربية. وفي أجهزة الاستيريو المنزلية فإن المكبر ينتج مئات من الوات بينما أجهزة المكبرات التي تستخدم في الحفلات والمؤتمرات تنتج قدرة كهربية تصل إلى عدة آلاف وات.

الهدف الرئيسي لمكبرات الصوت بالإضافة إلى تكبير الصوت لتشغيل السماعات هو الحفاظ على أدنى حد من التشويش بحيث أن يقوم بتقليد للموجة الصوتية الأصلية بدون أن يكون هناك أي فقد في أي إشارة حتى لو تم تكبير الإشارة عدة مرات.

 

المصدر: د. حازم سكيك